أيامنا هذه أصبحت كما يُقال أيام الإعلام ،
و زماننا الذي نحياه أصبح زمن العناوين البرّاقة المثيرة .
ولكن المشكلة أن العدوى التجارية ، التي اكتسحت كل
شيء في حياتنا ، امتدت بدورها إلى الأجهزة الإعلامية ،
و إلى الأفراد العاملين فيها ..
لقد شاءت لي الظروف أن أقضي سنين طويلة من حياتي
عاملاً و مشاركاً فيما يُسمى " الوسط الإعلامي " ..
و أذكر أنني عندما تخرّجت من الجامعة ، و أردت
الالتحاق بهذا " الوسط " ، اعترض الكثير من أصدقائي
و أهلي على رغبتي تلك ، إذ كانوا يظنّون أنني يمكن أن
أصبح بشهادتي مدرّساً محترماً ، و أرتقي بسهولة في
سلك التعليم ، بدل إضاعة الوقت في جهاز إعلامي ..
و من باب الاستهزاء ، كانوا يرددون علي أحياناً :
ماذا تريد أن تصبح في النهاية ؟ مذيع ؟! مطرب ؟!
ممثل ! طبعاً مع الاحترام لكل هذه المهن ، و لكن
الصورة عن العاملين في الأجهزة الإعلامية في ذلك
الوقت كانت غامضة .
كان الوقت وقت عمل و جهد و إبداع ، لكل العاملين
في أجهزة التلفزيون و الإذاعة و المسرح ، و غيرها ،
و لكن بلا مردود مادي يتناسب مع الجهد المبذول .
و قد اندهشت كثيراً فيما بعد ، عندما اطّلعت على
المبالغ المتواضعة التي كان يتقاضاها من هم روّاد
كبار في الحقول الإعلامية المختلفة ..
و كان الواحد منهم يخجل أن يناقش أي مسئول
عن قيمة أجره أو مكافأته ، ويكتفي بالمردود الجماهيري
و حب الناس و تقديرهم .
و في المقابل ، صنع الإخلاص و الاجتهاد في
العمل نجوما كباراً حقيقيين في إمكاناتهم ، و قدراتهم
العملية و المهنية و الفنية ..
دون مبالغة ، و ادّعاء مكانة ، أو شهرة ..
كان المذيع مذيع ، و المخرج مخرج ، و الممثل
ممثل ، و الكاتب كاتب ، و مقدم البرامج يقدم
نفسه على إنه مقدم برامج ..
لم يكن هناك من يظن نفسه إعلامياً كبيراً ، أو
إعلامياً قديراً ، أو إعلامياً مميزاً ، أو حتى
إعلامياً فقط !
فدرجة " إعلام " لم يصل إليها في التلفزيون
و الإذاعة إلاّ عناصر محدودة مميّزة .
وليس كما هو الآن ، أصبح مَن هبّ و دَب ،
يدّعي التفوّق ، و الإعلاميّة ..
و بمساعدة بعض العناصر المتسلّقة ، المدّعية
هي بدورها الإمكانات الصحفية ، أصبحت
الألقاب و الأوصاف توزّع على كل منَ يدفع ،
و كل مَن يملك جرأة الإدّعاء و التّظاهر !
و زماننا الذي نحياه أصبح زمن العناوين البرّاقة المثيرة .
ولكن المشكلة أن العدوى التجارية ، التي اكتسحت كل
شيء في حياتنا ، امتدت بدورها إلى الأجهزة الإعلامية ،
و إلى الأفراد العاملين فيها ..
لقد شاءت لي الظروف أن أقضي سنين طويلة من حياتي
عاملاً و مشاركاً فيما يُسمى " الوسط الإعلامي " ..
و أذكر أنني عندما تخرّجت من الجامعة ، و أردت
الالتحاق بهذا " الوسط " ، اعترض الكثير من أصدقائي
و أهلي على رغبتي تلك ، إذ كانوا يظنّون أنني يمكن أن
أصبح بشهادتي مدرّساً محترماً ، و أرتقي بسهولة في
سلك التعليم ، بدل إضاعة الوقت في جهاز إعلامي ..
و من باب الاستهزاء ، كانوا يرددون علي أحياناً :
ماذا تريد أن تصبح في النهاية ؟ مذيع ؟! مطرب ؟!
ممثل ! طبعاً مع الاحترام لكل هذه المهن ، و لكن
الصورة عن العاملين في الأجهزة الإعلامية في ذلك
الوقت كانت غامضة .
كان الوقت وقت عمل و جهد و إبداع ، لكل العاملين
في أجهزة التلفزيون و الإذاعة و المسرح ، و غيرها ،
و لكن بلا مردود مادي يتناسب مع الجهد المبذول .
و قد اندهشت كثيراً فيما بعد ، عندما اطّلعت على
المبالغ المتواضعة التي كان يتقاضاها من هم روّاد
كبار في الحقول الإعلامية المختلفة ..
و كان الواحد منهم يخجل أن يناقش أي مسئول
عن قيمة أجره أو مكافأته ، ويكتفي بالمردود الجماهيري
و حب الناس و تقديرهم .
و في المقابل ، صنع الإخلاص و الاجتهاد في
العمل نجوما كباراً حقيقيين في إمكاناتهم ، و قدراتهم
العملية و المهنية و الفنية ..
دون مبالغة ، و ادّعاء مكانة ، أو شهرة ..
كان المذيع مذيع ، و المخرج مخرج ، و الممثل
ممثل ، و الكاتب كاتب ، و مقدم البرامج يقدم
نفسه على إنه مقدم برامج ..
لم يكن هناك من يظن نفسه إعلامياً كبيراً ، أو
إعلامياً قديراً ، أو إعلامياً مميزاً ، أو حتى
إعلامياً فقط !
فدرجة " إعلام " لم يصل إليها في التلفزيون
و الإذاعة إلاّ عناصر محدودة مميّزة .
وليس كما هو الآن ، أصبح مَن هبّ و دَب ،
يدّعي التفوّق ، و الإعلاميّة ..
و بمساعدة بعض العناصر المتسلّقة ، المدّعية
هي بدورها الإمكانات الصحفية ، أصبحت
الألقاب و الأوصاف توزّع على كل منَ يدفع ،
و كل مَن يملك جرأة الإدّعاء و التّظاهر !